من ملك الحياة والإرادة...ملك كل شيء.
بعد إعادة فتح أبوابنا في مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس لاستقبال الاطفال الفلسطينيين من ذوي الإعاقة لتلقي خدمات العلاج والتأهيل الوجاهي في مركز تأهيل الطفل، نود أن نسرد لكم قصة الطفلة ملك والتي زارت مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس وتلقت حزمة خدمات العلاج والتمكين التي نقدمها لأطفالنا وذلك قبل جائحة كورونا...
ملك طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات، قبل أن ترى نور هذا العالم ومن رحم والدتها كان مصيرها أن تولد بإعاقة تزامنها مدى الحياة.....بدأت ملك معترك هذه الحياة بعملية جراحية استمرت اربعة ساعات من أجل إغلاق الشق في ظهرها، وخضعت بعدها لرعاية مكثفة لمدة 45 يوم لحين تماثلها الكامل للشفاء...
والدة ملك وهي أم لثلاثة أطفال آخرين، حرصت خلال فترة الحمل على المراجعة الدورية للطبيب من أجل التأكد من صحة الجنين، وصدمت في شهرها الثامن من الحمل، بخبر أن طفلتها تعاني من السنسنة المشقوقة، وأن رحلتها في هذه الحياة لن تكون سهلة.
في بداية الأمر عانت الأم من واقع الخبر وازدادت حالتها النفسية سوءا خاصة بعد قول الأطباء أن الطفلة لن تعيش طويلا، كأنهم حكموا عليها بالموت قبل ان ترى النور.....
ومتى شقت ملك طريقها من رحم أمها للنور، حتى بدأت نفسية الأم بالتحسن، وقالت "كان وجه طفلتي جميلا ومشرقا، وكان الأمل مرسوما في ملامحها، رؤيتها أعادت في نفسي روح الحياة والتفاؤل، ولهذا اسميناها ملك، فقد ملكت الحياة".
رحلة العلاج....
عند بلوغ ملك الثمانية شهور، بدأت والدتها السعي وراء أمل العلاج والتعافي، فاصطحبت الأم طفلتها إلى مركز فرح بنابلس، ليقوم الدكتور وضاح ملحيس بمعاينتها، والذي بدوره قام بتحويلها إلى مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس من أجل حصولها على فرصتها في العلاج والتأهيل....ومن هنا بدأ مشوار ملك الطويل.
في ادخالها الأول كان عمرها سنة ونصف، لم يكن لدى الطفلة القدرة على الجلوس أو المشي أو حتى التوازن، بالإضافة إلى ضعف عام في كلتا اليدين، كما عانت من مشاكل حسية وادراكية ولغوية وتعبيرية، وكانت تفاعلاتها الاجتماعية محدودة جدا، حيث اعتدمت بشكل تام على والدتها.
منذ ادخالها الأول، حصلت الطفلة على خطة علاجية شاملة ليتم تأهيلها وتمكينها، فحصلت على خدمات تأهيلية شاملة تضمنت: العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق واللغة، ولعلاج المائي والحسي والعلاج بالموسيقى، وبدورها شاركت الأم أثناء مرافقتها لطفلتها في برنامج تمكين الأم والأسرة، بحيث استفادت من كافة التدريبات اثناء الجلسات العلاجية، وكذلك عند نهاية كل ادخال كانت الأم تحصل على برنامج علاجي بيتي من أجل استكمال العلاجات في المنزل.
ملك الآن تبلغ من العمر 7 أعوام ونصف، هذا هو الادخال الحادي عشر لها في مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس، ونتيجة العلاج المكثف تطور الوضع الصحي للطفلة، بحيث أصبحت تمشي بشكل مستقل، وبدأت بالمشاركة ببعض الألعاب الحركية، كما أنها مستقلة في المهارات اليومية، فيما تطور حسها الادراكي والاستيعابي، وتطور لديها التفاعل الاجتماعي مما ممكنها من الانخراط في مدرسة البلدة وهي حاليا في الصف الثاني الأساسي.
ملك رغم فهمها لاعاقتها، ما زال يدور في رأسها الصغير الكثير من الأسئلة حول وضعها وعدم قدرتها على القيام ببعض الأنشطة كبقية زملائها، إلا أنه وبروحها الجميلة وارادتها الصلبة وتصميمها، وبدعم ومساندة الأهل تمكنت هذه الفتاة بجسدها الصغير المقاوم ان تجتاز اعاقتها لتحظى بفرصة متكافئة في التأهيل والتعليم والعيش بكرامة، "طموحي هو أن تكبر، وتتعلم، وتكون مستقلة وتحقق ذاتها وتحافظ على روحها الجميلة كما هي اليوم" تضيف الأم، "فملك، لأنها ملكت الحياة والإرداة، ملكت كل شي."
